فصل: ذكر ملوك اليونانيين ومدة ما ملكوا من السنين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التنبيه والإشراف (نسخة منقحة)



.ذكر ملوك اليونانيين ومدة ما ملكوا من السنين:

عدة ملوك اليونانيين من فيلبس أبي الإسكندر إلى قلوبطرة آخرهم ستة عشر ملكاً وجملة ما ملكوا من السنين مائتا سنة وثلاث وتسعون سنة وثمانية عشر يوماً، وذلك موجود في قانون ثاون الاسكندراني وغيره وقد ذهب قوم ممن عني بأخبار سير الملوك وتواريخ الأمم إلى أن عدة ما ملكوا من السنين ثلاثمائة سنة وثلاث سنين وقيل في عدة ملوكهم ومدة سنيهم أكثر من ذلك وأقل، غير أن الأشهر ما ذكرناه وكان أول من يعد من ملوك اليونانيين في التاريخ المقدم للحنفاء والقوانين والزيجات في النجوم وغيرها فيلبس أبو الإسكندر ملك سبع سنين وكان لليونانيين قبله ملوك سلفوا يتنازع في أعدادهم وسماتهم ومدة ما ملكوا من السنين الثاني ابنه الإسكدنر الملك، ملك خمس عشرة سنة تسعاً منها قبل قتله دارا بن دارا وستاً بعد قتله إياه على ما في ذلك من التنازع في مدة ملكه بين المجوس والنصارى وغيرهم وأفضى الملك إليه وله ست وثلاثون سنة، والعوام تكثر من سنيه وهذا هو المعول عليه الثالث ابطليموس أورنداس، ملك سبع سنين الرابع ابطليموس الكصندرس ملك اثنتين وعشرين سنة، وهو الذي نقلت له التوراة نقلها اثنان وسبعون حبراً بالإسكندرية من بلاد مصر من اللغة العبرانية إلى اليونانية وقد ترجم هذه النسخة إلى العربي عدة ممن تقدم وتأخر منهم حنين بن إسحاق، وهي أصح نسخ التوراة عند كثير من الناس.
فلما الإسرائيليون من الأشمعث وهم الحشر والجمهور الأعظم، والعنانية وهم ممن يذهب إلى العدل والتوحيد؛ فيعتمدون في تفسير الكتب العبرانية التوراة والأنبياء والزبور وهي أربعة وعشرون كتاباً وترجمتها إلى العربية على عدة من الإسرائيليين المحمودين عندهم قد شاهدنا أكثرهم منهم أبو كثير يحيى بن زكريا الكاتب الطبراني إشمعثي المذهب، وكانت وفاته في حدود العشرين والثلاثمائة، ومنهم سعيد بن يعقوب الفيومي إشمعثي المذهب أيضاً، وكان قد قرأ على أبي كثير وقد يفضل تفسيره كثير منهم، وكانت له قصص بالعراق مع رأسا لجالوت داود بن زكي من ولد داود واعتراض عليه وذلك في خلافة المقتدر وتحزب من اليهود لأجلهما وحضر في مجلس الوزير علي بن عيسى وغيره من الوزراء والقضاة وأهل العلملفصل ما بينهم وترأس الفيومي على كثير منهم، وانقادوا إليه، وكانت وفاته بعد الثلاثين والثلاثمائة، ومنهم داود المعروف بالقومسي، وكانت وفاته سنة 334، وكان مقيماً بيت المقدس، وإبراهيم البغدادي ولم أشاهدهما وقد كانت جرت بيننا وبين أبي كثير ببلاد فلسطين والأردن مناظرات كثيرة في نسخ الشرائع والفرق بين ذلك، وبين اعبدا وغير ذلك، وبين يهودا ابن يوسف المعروف بابن أبي الثناء تلميذ ثابت بن قرة الصابئ في الفلسفة والطب في الرقة من ديار مضر وبين سعيد بن علي المعروف بابن اشلميا بالرقة أيضاً وكذلك بين من شاهدنا من متكلميهم بمدينة السلام مثل يعقوب بن مردويه ويوسف بن قيوما وآخر من شاهدنا منهم ممن تقدم إلينا من مدينة السلام بعد الثلاثمائة إبراهيم اليهودي التستري، وكان أحذق من تأخر منهم في النظر وأحسنهم تصرفاً فيه الخامس ابطلميوس الأريب، ملك سبعاً وعشرين سنة السادس ابطلميوس محب أخيه، ملك ستاً وعشرين سنة السابع ابطلميوس الصانع، ملك خمساً وعشرين سنة الثامن ابطلميوس محب أبيه، ملك سبع عشرة سنة التاسع ابطلميوس الظاهر، ملك أربعاً وعشرين سنة العاشر ابطلميوس محب أمه، ملك عشرين سنة الحادي عشر ابطلميوس الحوال، ملك ثلاثاً وعشرين سنة الثاني عشر ابطلميوس المخلص، ملك سبع عشرة سنة الثالث عشر ابطلميوس الكصندرس أيضاً، ملك عشرين سنة الرابع عشر ابطلميوس قساس، ملك ثمانية عشر يوماً الخامس عشر ابطلميوس ديونسيوس، ملك تسعاً وعشرين سنة السادس عشر قلوبطرة ابنة ابطلميوس، ملكت اثنتين وعشرين سنة، وكانت حكيمة ولها كتب في الرقية وغيرها، وليس ابطلميوس القلوذي صاحب كتاب المجسطي وغيره من الكتب من هؤلاء البطلميوسين ولم يكن ملكاً وقد بينا ذلك في كتاب أخبار ملوك الروم الأولى فيما يرد من هذا الكتاب في ملك أنطونيوس بيوس مجملاً وفيما تقدمه من الكتب مشروحاً.
وأتينا في كتاب فنون المعارف، وما جرى في الدهور السوالف على أخبار اليونانيين وأنسابهم وآرائهم وديارهم والتنازع في بدء أنسابهم ومن قال أنهم من ولد يونان بن يافث بن نوح، ومن قال بل هو يونان بن ارعوا بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، ومن قال بل هو يونان بن عابر أخو قحطان بن عابر ومن ذهب إلى أنهأنهم من ولد أليفز بن العيص بن إسحاق ابن إبراهيم وأنهم إخوة الروم وغير ذلك من الأقاويل وكيفية غلبة الروم عليهم ودخولهم في جملتهم حتى زال اسمهم وانقطع ذكرهم ونسب الجميع إلى الروم بغلبة أوغسطس الملك عليهم عند خروجه من رومية ومسيره إلى الشأم ومصر وتنازع الناس في الفلاسفة كفيثاغورس وثاليس وانبقليس والرواقيين وأصحاب الاصطوان وأميروس وأرسيلاوس وسقراط وأفلاطون وأرسطاطاليس وثاوفرسطس وثامسطيوس وأبّقراط وجالينوس وغيرهم من الفلاسفة والأطباء أروم هم أم يونانيون وما ذكرنا من الشواهد من كتبهم أنهم يونانيون، وقول من قال إنهم روم وسير ملوكهم وحروبهم وأخبار الإسكندر وسيره ومسيره في مشارق الأرض ومغاربها، وما وطيء من الممالك، ولقي من الملوك، وبنى من المدن، ورأى من العجائب وأخبار الردم وهو سد يأجوج ومأجوج وما كان بينه وبين معلمه أرسطاطاليس بن نيقوماخس، صاحب كتب المنطق وغيرها، وتفسير أرسطاطاليس الغداء التام وقيل تام الفضيلة لأن أرسطو هو الفضيلة، وطالس تام، وتفسير نيقوماخس قاهر الخصم من الرسائل والمكاتبات في ضروب السياسات الملوكية والديانية وغير ذلك، وتنازع الناس في الإسكندر أهو ذو القرنين أم غيره؟ وما قيل في ذلك وما كان من أخبار خلفائه بعده كانطيخس الباني مدينة أنطاكية وإلى اسمه أضيفت فعربتها العرب فسمتها أنطاكية، وكسليقس الباني مدينة سلوقية وغيرهما وما كان بينهم وبين من كان بالإسكندرية من بلاد مصر من الحروب، وأخبار الفلاسفة وآرائهم الإلهيين منهم والطبيعيين، ومن قتل منهم، وما كانوا عليه من الآراء إلى عهد سقراط وأفلاطون وأرسطاطاليس من الفلسفة المدنية، وما أحدثوه من الآراء خلافاً على ما تقدم ومباينة للفلسفة الأولى الطبيعية التي إليها كانت يذهب فوثاغورس وثاليس الملطي، وعوام اليونانيين، وصابئو المصريين الذي بقيتهم في هذا الوقت صابئو الحرانيين، وقد ذكر ذلك أرسطاطاليس في كتابه في الحيوان، وهو تسع عشرة مقالة فقال ولما كان منذ عشرين سنة من زمن سقراط مال الناس عن الفلسفة الطبيعية إلى الفلسفة المدنية وما ذهب إليه سقراط ومن رأى رأيه ممن سميناه في الموجود الأول الذي اقتبست الموجودات وجودها عنه وكيف يفيض عليها بجوده، وكيف حصلت الموجودات عنه، وعلى أي شيء هي سبب وجودها، وغاية لها، وعلى أي جهة ينبغي أن يعتقد، وكيف ترتيب مراتبها في الوجود، وكيف ارتبط بعضها ببعض، وبأي شيء ارتبطت وائتلفت، ومن أي شيء موادها، وما جواهر الأجسام الطبيعية التي تحتوي عليها الأجسام السمائية، وهي الأجسام الهيولانية، وما مراتب الروحانيين، وما فوض إلى كل واحد منهم من التدبير؟ ونفس الإنسان وكم قواها وما فعل كل واحد منها ومراتب بعضها في بعض، وإحصاء جمل أعضائها ومراتبها؟ وأي القوى هي الرئيسة، وما مراتبها، ومن انتهى في الرئاسة، وأيها المخدومة وأيها الخادمة؟ وكيف يحدث العقل في الإنسان، وكيف فعل العقل الفعال في الحر الناطق، وتنازع الناس في السعادة المطلوبة التي لها كون الإنسان، وما الشقاء الذي يصير إليه إذا حاد عن طريق السعادة؟ وذكر المنام وأصناف الرؤيا، ولأي جزء من أجزاء النفس ذلك، وما الرؤيا الصادقة، ومن أين تحصل للنفس وكيف صارت الصادقة تدل، وعلى أي جهة تدل؟ وكيف الطريق إلى علم عبارة الرؤيا، وما الحاجة إلى الاجتماعات الإنسانية، وأصناف الاجتماعات وهي التي بها يتعاونون على بلوغ أغراضهم التي إليها يأتمون، وأيها عظمي وأيها وسطي وأيها صغري؟ وما الاجتماع المدني الذي يكون في المدينة الفاضلة، وما المدينة الفاضلة، وما مراتب أجزائها، ومراتب رئاساتها، وكيف صارت منزلة أجزاء هذه المدينة منزلة أعضاء الحيوان من الحيوان، فإنهم يتعاونون على تكميل السعادة للإنسان كما يتعاون أعضاء الحيوان على تكميل حياة الحيوان؟ وكيف ينبغي أن يكون ملك هذه المدينة ورئيسها الأول؟ وأي علامات وشرائط ينبغي أن يكون فيه من مولده وفي صبائه وحداثته يرشح بها لملك المدينة الفاضلة والفضائل التي يصير بها سائساً كاملاً ورئيساً فاضلاً، وبأي آداب وصناعات يؤدب فتمكن فيه حتى تحصل له مهنة الملكية الفاضلة؟ وفي أي الأمم يوجد ذلك في الأغلب؛ وفي أيها في النادر، وهل هو جزء من أجزاء المدينة أم غيرها، على ما في ذلك من التنازع بين أفلاطون وأرسطاطاليس؛ على حسب ما ذكره أفلاطون في كتاب الفحص عن ملك المدينة الفاضلة الذي هو الفيلسوف في الحقيقة وذكره أرسطاطاليس في كتابه في السياسة المدنية وعدد أجزاء هذه المدينة ومثلها الطبيعية وكيف ينبغي أن تكون الرئاسات التي تتبع الرئيس الأول في هذه المدينة، وبماذا تكمل وتلتئم تلك الرئاسات؟ وكم أصناف المدن المضادة للمدينة الفاضلة؛ كالمدن الجاهلية والمدن الضالة والمدن الفاسقة ومراتب ملوكهم ورئاساتهم، ونحو ماذا يؤمون وعلى بلوغ أي غرض يتعاونون، وما أصناف السعادات التي تصير إليها أنفس أهل المدينة الفاضلة في الحياة الآخرة وأصناف الشقاء التي تصير إليها أنفس أهل المدن المضادة للمدينة الفاضلة في الحياة الآخرة، وما الأشياء التي ينبغي أن يعلمها ويعمل بها أهل المدينة الفاضلة باشتراك وعلى العموم لينالوا بها السعادة الكاملة المطلوبة، وما العلامات التي يتميز بها أهل المدينة الفاضلة من باقي الأمم والمدن المضادة لهم وما ينبغي أن تكون عليه أحوال أهل المدينة الفاضلة متى لم تكن لهم مدينة تخصهم وكانوا غرباء في المدن المضادة لمدينتهم، وذكر الأصول الفاسدة التي منها تفرعت أصناف الآراء والاجتماعات والمدن والرئاسات الجاهلية والأصول الفاسدة التي منها تنشأ أصناف الآراء والاجتماعات والمدن والرئاسات الضالة، وقولهم في الأوائل بها وجود سائر الموجودات وهي الأول أكملها وجوداً إذ لم يكن وجوده لأجل غيره ووجود كل ما سوه لأجله، والأشياء منه لا هو منها، اقتبست وجودها من وجوده، فهو كل الأشياء. وليست الأشياء هو، ومعرفته الواجبة ألاّ طريق إليه إلا منه ولا سبيل إليه إلا به إذا كانت العلة لا يدركه معلول ولا محدث قديماً ولا مخلوق خالقاً، والثواني التي تليه في الوجود ومراتبها بحسب مراتب الأجسام السمائية وعددها على عددها، والعقل الفعال، والنفس، والصورة، والهيولي، وأن باقي الموجودات هي الأجسام، وأجناسها ستة، الجسم السمائي، والحيوان الناطق، والحيوان غير الناطق، والنبات، والأجسام الحجرية، وهي المعدنية، والاستقصات الأربعة وهي النار، والهواء والماء، والأرضيرشح بها لملك المدينة الفاضلة والفضائل التي يصير بها سائساً كاملاً ورئيساً فاضلاً، وبأي آداب وصناعات يؤدب فتمكن فيه حتى تحصل له مهنة الملكية الفاضلة؟ وفي أي الأمم يوجد ذلك في الأغلب؛ وفي أيها في النادر، وهل هو جزء من أجزاء المدينة أم غيرها، على ما في ذلك من التنازع بين أفلاطون وأرسطاطاليس؛ على حسب ما ذكره أفلاطون في كتاب الفحص عن ملك المدينة الفاضلة الذي هو الفيلسوف في الحقيقة وذكره أرسطاطاليس في كتابه في السياسة المدنية وعدد أجزاء هذه المدينة ومثلها الطبيعية وكيف ينبغي أن تكون الرئاسات التي تتبع الرئيس الأول في هذه المدينة، وبماذا تكمل وتلتئم تلك الرئاسات؟ وكم أصناف المدن المضادة للمدينة الفاضلة؛ كالمدن الجاهلية والمدن الضالة والمدن الفاسقة ومراتب ملوكهم ورئاساتهم، ونحو ماذا يؤمون وعلى بلوغ أي غرض يتعاونون، وما أصناف السعادات التي تصير إليها أنفس أهل المدينة الفاضلة في الحياة الآخرة وأصناف الشقاء التي تصير إليها أنفس أهل المدن المضادة للمدينة الفاضلة في الحياة الآخرة، وما الأشياء التي ينبغي أن يعلمها ويعمل بها أهل المدينة الفاضلة باشتراك وعلى العموم لينالوا بها السعادة الكاملة المطلوبة، وما العلامات التي يتميز بها أهل المدينة الفاضلة من باقي الأمم والمدن المضادة لهم وما ينبغي أن تكون عليه أحوال أهل المدينة الفاضلة متى لم تكن لهم مدينة تخصهم وكانوا غرباء في المدن المضادة لمدينتهم، وذكر الأصول الفاسدة التي منها تفرعت أصناف الآراء والاجتماعات والمدن والرئاسات الجاهلية والأصول الفاسدة التي منها تنشأ أصناف الآراء والاجتماعات والمدن والرئاسات الضالة، وقولهم في الأوائل بها وجود سائر الموجودات وهي الأول أكملها وجوداً إذ لم يكن وجوده لأجل غيره ووجود كل ما سوه لأجله، والأشياء منه لا هو منها، اقتبست وجودها من وجوده، فهو كل الأشياء. وليست الأشياء هو، ومعرفته الواجبة ألاّ طريق إليه إلا منه ولا سبيل إليه إلا به إذا كانت العلة لا يدركه معلول ولا محدث قديماً ولا مخلوق خالقاً، والثواني التي تليه في الوجود ومراتبها بحسب مراتب الأجسام السمائية وعددها على عددها، والعقل الفعال، والنفس، والصورة، والهيولي، وأن باقي الموجودات هي الأجسام، وأجناسها ستة، الجسم السمائي، والحيوان الناطق، والحيوان غير الناطق، والنبات، والأجسام الحجرية، وهي المعدنية، والاستقصات الأربعة وهي النار، والهواء والماء، والأرض، وما ذهبوا إليه في العقل الأول والثاني، والنفس وما تحت ذلك من الطبائع وأن العقل هو العلة المتوسطة بين الله عز وجل، وبين خلقه، والسبب الذي شرفت به النفس الناطقة في عالمها، والمرآة التي بها تنظر إلى محاسنها ومساويها وبها تتأمل صور مهالكها ومناجيها، وقولهم في النفس الناطقة وغيرها من النفوس كالنزاعية والتخيلية والحسية والبهيمية، وما يرتبط منها بالأجسام السمائية التي هي على أعدادها ومقسومة عليها، وأن النفس الناطقة جوهر بسيط من جوهر الحي الذي لا يموت، وأن موتها انتقالها من جسم إلى جسم، وأنها إذا فارقت البدن عاينت كل ما في العوالم، ولمي خف عليها خافية، وأن غرضها وغايتها القصوى السعادة واللحاق بعالم العقل، وهي الإنسان على الحقيقة والعلة في نزولها من عالم العقل إلى عالم الحس، حتى نسيت بعد الذكر، وجهلت بعد العلم، وقول من رأى ذلك منهم، ولأية علة صار الإنسان العالم الصغير، وما اجتمع فيه وشبه به من سائر الأشياء، وما الاتصال والنسبة بين العوالم، عند من ذكرنا قوله؟ وما ذهب إليه أرسطاطاليس في أزلية العلة والمعلول، وذكره ذلك في المقالة الأولى من كتابه في سمع الكيان وفي المقالة الثامنة منه أيضاً، وهو ثماني مقالات، وفي كتاب السماء والعالم وهو أربع مقالات، وفي كتاب ما بعد الطبيعة وهو ثلاث عشرة مقالة وقول سائر أهل الشرائع مع تنازعهم وغيرهم من أصحاب القدم في المعاد بعد مفارقة النفوس الأجساد؛ وقول أصحاب التأويل وغيرهم في الروح اللطيف الغير محسوس، والكثيف المحسوس، وغير ذلك من حدودهم المؤيد منها والمقصود وسائر الآراء والنحل قال المسعودي: وأرسطاطاليس هو تلميذ أفلاطون. وأفلاطون تلميذ سقراط وسقراط تلميذ أرسيلاوس، في الطبيعيات- دون غيرها من العلوم- وتفسير أرسيلاوس رأس السباع، وأرسيلاوس تلميذ أنكساغورس وقد ذكرنا في كتاب فنون المعارف، وما جرى في الدهور السوالف الفلسفة وحدودها، والأخبار من كمية أجزائها وما ذكره فوثاغورس. وثاليس الملطي، والرواقيون، وأفلاطون، وأرسطاطاليس وغيرهم. وتنازعهم في ذلك وصفة الفيلسوف الذي يجب له في الحقيقة هذا الاسم، ويطلق عليه، وكيفية سيرته وأخلاقه وأوصافه وصورته. ومراتب الفلسفة، وعلى ماذا استقرت وكيف وقعت التعاليم بها إلى هذا الوقت، وإلى ماذا انتهت، والغرض من كتب المنطق ووصفها والحاجة التي دعت إلى تأليف كتب المنطق وما المنفعة التي تستفاد منها. ولم صارت ثمانية كتب. وما العلة في هذا الترتيب، وما الغرض المقصود في كل واحد منها، وما الأشياء التي ينبغي أن يبتدئ بالنظر فيها من أراد قراءة كتب المنطق. وفي أي صنف من الصناعات تدخل صناعة الفلسفة. وكم حدودها. وإلى من يضاف كل حد منها من الفلاسفة، ومن أي الجهات استخرجت حدودها. وما معنى كل حد منها. وكم أقسام الفلسفة الأوالي والثواني. ولم قسمت بهذه القسمة وجرت قسمتها هذا المجرى؟ ولأية علية ابتدئ بالفلسفة المدنية من سقراط ثم أفلاطون ثم أرسطاطاليس ثم ابن خالته ثاوفرسطس ثم أوذيمس، ومن تلاه منهم واحداً بعد آخر، وكيف انتقل مجلس التعليم من أثينة إلى الإسكندرية من بلاد مصر، وجعل أوغسطس الملك لما قتل قلوبطرة الملكة التعليم بمكانين الإسكندرية ورومية، ونقل تيدوسيوس الملك الذي ظهر في أيامه أصحاب الكهف التعليم من رومية، ورده إياه إلى الإسكندرية؟ ولأي سبب نقل التعليم في أيام عمر بن عبد العزيز من الإسكندرية إلى أنطاكية، ثم انتقاله إلى حران في أيام المتوكل؟ وانتهى ذلك في أيام المعتضد إلى قويري ويوحنا بن حيلان، وكانت وفاته بمدينة السلام في أيام المقتدر وإبراهيم المروزي، ثم إلى أبي محمد بن كرنيب وأبي بشر متى بن يونس تلميذي إبراهيم المروزي، وعلى شرح متى لكتب أرسطاطاليس المنطقية يعول الناس في وقتنا هذا، وكانت وفاته بغداد في خلافة الراضي، ثم إلى أبي نصر محمد ابن محمد الفارابي تلميذ يوحنا بن حيلان وكانت وفاته بدمشق في رجب سنة 339 ولا أعلم في هذا الوقت أحداً يرجع إليه في ذلك إلا رجلاً واحداً من النصارى بمدينة السلام يعرف بأبي زكرياء بن عدي، وكان مبدأ أمره ورأيه وطريقته في درس طريقة محمد بن زكرياء الرازي، وهو رأي الفوثاغوريين في الفلسفة الأولى على ما قدمنا.
فلنذكر الآن ملوك الروم على طبقاتهم، الصابئين منهم والمتنصرة. وجملة ما ملكوا من السنين، وما كان من الحوادث العظيمة في أيامهم وبلادهم وغير ذلك من أخبارهم.

.ذكر ملوك الروم على طبقاتهم من الحنفاء:

وهم الصابئون والمتنصرة وعدتهم، وجملة ما ملكوا من السنين:
عدة ملوك الروم جميعاً من عائيوس قيصر أول ملوكهم إلى قسطنطين بن لاون بن بسيل الملك عليهم في هذا الوقت وهو سنة 345 في خلافة المطيع ثمانية وسبعون ملكاً من ذلك الملوك الصابئون المسمون بالحنفاء قبل النصرانية أربعون ملكاً، والمتنصرة من قسطنطين بن هيلاني إلى قسطنطين بين لاون هذا ثمانية وثلاثون ملكاً وجملة ما ملكوا من السنين تسعمائة وست وستون سنة وشهر من ذلك الصابئون ثلاثمائة وأربع وسبعون سنة وثلاثة أشهر، والمتنصرة إلى ملك قسطنطين ابن لاون خمسمائة وإحدى وتسعون سنة وعشرة أشهر.

.ذكر الطبقة الأولى من ملوك الروم وهم الصابئون:

كان أول من يعد ممن ملك منهم برومية غائيوس قيصر، ملك ثماني عشرة سنة، وقد كان ملك بها قبله ملوك أولهم روملس وأرمانوس، البانيان لها المعروفان بابني الذئبة، وإلى اسمها أضيفت رومية وأضيف الروم إلى اسمهما وغيرهما من الملوك، غير أن غائيوس أول من يعد في التاريخ القديم وقيل إن أول من ملك الروم رهماساطوخاس وهو جائيوس الأصفر بن روم ابن سملاحين بن هريا بن علقا بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الثاني من ملوك رومية يوليوس، ملك أربع سنين وأربعة أشهر والثالث أوغسطس وتفسير أوغسطس باللغة الإفرنجية الأولى الضياء وسمي قيصر تفسير ذلك بهذه اللغة شق عنه، وذلك أنهم ذكروا أن أمه مات وهي مقرب به فشق عنه بطنها واستخرج، وصار ذلك كالسمة كثير من ملوكهم. واشتهر ذلك عنهم فسمتهم العرب بالقياصرة، ملك ستاً وخمسين سنة وخمسة أشهر وأكثر من عني بأخبار ملوك الروم وتواريخهم؛ بأوغسطس يبتدئ لأنه أول ملك من ملوك الروم خرج عن مدينة رومية دار مملكته وسير جنوده براً وبحراً، فاستولى على ملك اليونانيين ومصر والشام. وقتل قلوبطرة، آخر ملوك اليونانيين، فاجتمع له ملك الروم واليونانيين وزالت رسوم اليونانيين فسمي الجميع روماً، وذلك لاثنتي عشرة سنة خلت من ملكه، وولى هيرودس بن أنطيقوس على أورشلم وهي بيت المقدس وجبل يهودا وجبل الجليل ولاثنتين وأربعين سنة خلت من ملكه كان مولد المسيح عليه السلام ببيت لحم من بلاد فلسطين، يوم الأربعاء لست بقين من كانون الأول وكانت مريم يوم ولدته بنت ثلاث عشرة سنة عند النصارى، وكان جميع عمرها إحدى وخمسين سنة منها بعد رفع المسيح ست سنين فكان من آدم إلى مولده عندهم خمسة آلاف سنة وخمسمائة سنة وست سنين، ومن زوال ملك قلوبطرة آخر من ملك اليونانيين على ما قدمنا في هذا الكتاب إلى مولده ثلاثون سنة الرابع طيباريوس قيصر، ملك ثلاثاً وعشرين سنة، وهو الذي بنى مدينة طبرية من بلاد الأردن من أرض الشأم، وإلى اسمه أضيفت فعربتها العرب حين افتتحت البلاد فقالت طبرية ولخمس عشرة سنة خلت من ملكه عمد إيشوع الناصري عند النصارى في نهر الأردن، وكان المعمد له ابن خالته يحيى بن زكرياء، ولذلك سمي يحيى المعمداني واسم أمه صابات وكان أكبر من إيشوع بستة أشهر ولسبع عشرة سنة خلت من ملكه وهي سنة 342 للإسكندر بن فيلبس الملك كان عند النصارى صلب إيشوع الناصري، وذلك في يوم الجمعة الثالث والعشرين من آذار، وهو عندهم منه مثل اليوم الذي أهبط فيه آدم من الجنة، ومات عندهم ودفن وقام وانبعث من بين الموتى حياً، وصعد إلى السماء وله ثلاث وثلاثون سنة، ولا يصعد عندهم إلى السماء إلا من نزل منها وكان فصح اليهود في هذه السنة يوم السبت لسبع بقين من آذار، وفصح النصارى إلى قيامة المسيح يوم الأحد لست بقين من آذار، والصعود يوم الخميس لثلاث خلون من نيسان والنصارى تصوم يوم الأربعاء، لأن إيشوع ولد فيه، والجمعة لأنه صلب فيه عندهم تطوعاً لا فريضة الخامس غائيوس بن طيباريوس ملك أربع سنين وقتل اصطفنوس رئيس الشمامسة والشهداء عند النصارى، ويعقوب أخا يوحنا بن زبدي في خلق كثير من النصارى.
السادس قلوذيوس بن طيباريوس، ملك أربع عشرة سنة، وفي أول سنة من ملكه قتل أغريفوس عامله على الإسرائيليين يوحنا بن زبدي أحد التلاميذ وحبس شمعون الصفا، ثم خلص شمعون الصفا من الحبس، وصار إلى مدينة أنطاكية، والنصارى يدعونها مدينة الله، ومدينة الملك، وأم المدن، لأنها أول بلد أظهر فيه دين النصرانية، وبها كرسي بطرس ويسمى شمعون وسمعان، وهو خليفة إيشوع الناصري والمرأس على سائر التلاميذ الاثني عشر والسبعين وغيرهم، فشرع بطرس في بناء الكنيسة المعروفة في أنطاكية بالقسيان إلى هذا الوقت وفي السنة الثالثة من ملكه دخل شمعون الصفا مدينة رومية، وسقف بها ودبرها سنين، ودانت امرأة الملك، وكان اسمها فروطانيقي ويقال لها بطريقية النصرانية، وصارت إلى أروشلم وهي بيت المقدس فأخرجت الخشبة التي تظن النصارى أن المسيح صلب عليها، ويسمونها صليب المسيح، وكانت في أيدي اليهود، قد منعوا النصارى منها فأخذتها منهم وردتها على النصارى وقوت أمرهم ونحن ذاكرون لمعاً من أخبار هذه الخشبة وإلام آل أمرها في قصة هيلاني أم قسطنطين فيما يرد من هذا الكتاب، وإن كنا قد أتينا على شرح ذلك فيما سلف من كتبنا السابع نيرون بن قلوذيوس ملك ثلاث عشرة سنة وثلاثة أشهر، ولثلاث عشرة سنة خلت من ملكه قتل بطرس، وبولس بمدينة رومية وصلبهما منكسين وذلك بعد إيشوع باثنتين وعشرين سنة وقد أتينا على خبر بطرس بمدينة ورمية مع سيمن المصري، الذي تسميه النصارى جميعاً إلا الأريوسية الساحر وكان صحب إيشوع ثم خالفهم فيما سلف من كتبنا وفي السنة الثامنة من ملكه وثبت اليهود بأروشلم، فيما ذكرت النصارى على يعقوب بن يوسف أخي إيشوع الناصري عندهم في الجسمية، وكان أول أساقفة بيت المقدس، وألقوه على رأسه من أعلى الهيكل فمات لامتناعه من الرجوع إلى مذهبهم ومقامه على دين النصرانية ودفن إلى جانب الهيكل وهدموا البيعة وأخذوا خشبة الصليب وخشبتي اللصين فدفنوها في قبر واحد وفي أيام هذا الملك فيما قيل كان مارينوس الحكيم صاحب كتاب جغرافيا في صورة الأرض وشكلها وبحارها وأنهارها وعامرها وغامرها وقد ذكره أبطلميوس القلوذي في كتاب جغرافيا في صورة الأرض وشكلها أيضاً وأنكر عليه أشياء ذكرها الثامن غلباس، ملك سبعة أشهر التاسع أوثون، ملك ثلاثة أشهر العاشر بيطاليس ملك ثمانية أشهر الحادي عشر إسباسيانوي، ملك تسع سنين وسبعة أشهر، ووجه بابنه طيطوس في السنة الثانية من ملكه إلى أورشلم لخلاف كان منهم عليه فحصرها وافتتحها عنوة وقتل أكثر اهلها من اليهود النصارى وخرب الهيكل وكان عدة من قتل من الإسرائيليين فيما ذرك نحواً من ثلاثة آلاف ألف وعم الأذى اليهود والنصارى في أيامه الثاني عشر طيطوس بن إسباسيانوس ملك سنتين وثلاثة أشهر وفي أول سنة من ملكه أظهر مرقيون مقالته وهي القول بالاثنين الخير والشر وسعد ثالث بينهما وكان ابناً لبعض الأساقفة ببلاد حران وإليه تنسب المرقيونية من أصحاب الاثنين الثالث عشر دومطيانوس بن إسباسيانوس ملك خمس عشرة سنة وعشرة أشهر الرابع عشر نرواس قيصر، ملك سنة وخمسة أشهر الخامس عشر طريانوس قيصر، ملك تسع عشرة سنة، وفي السنة السادسة من ملكه كانت وفاة يوحنا التلميذبمدينة أفسيس بعد أن كتب الإنجيل في جزيرة من جزائر البحر السادس عشر إيليا أذريانوس، ملك عشرين سنة وقتل من اليهود بأورشلم وجبل يهودا وجبل الجليل وغيرها من أرض الشأم مقتلة عظيمة لخلاف كان منهم عليه وكذلك من النصارى وخرب أورشلم وهو آخر خرابها، فلما مضى من ملكه ثمان سنين عمرها وسماها إيليا، فصارت سمة لها إلى هذا الوقت وأسكنها جماعة من اليونانيين والروم وبنى على الأقرانيون المقبرة هيكلاً عظيماً للزهرة، وبنى نحو الهيكل الذي يدعى البهاء برجاً عظيماً، وجعل على أعلاه لوحاً من الرخام مكتوباً فيه الذهب اسم الملك إيليا، وهذا البرج إلى هذا الوقت وهي سنة 345 يسمى محراب داود وهو متصل بسور المدينة، وإنما بني بعد داود بمئتين من السنين، وكان بنياناً عظيماً سبع طبقات فهدم من أعاليه، وفي أيامه كان ساقندس الفيلسوف الصامت وقد أتينا على خبره مع هذا الملك وغيره وإشارته ورموزه في كتاب الاستذكار، لما جرى في سالف الأعصار.
السابع عشر أنطونينوس بيوس، ملك اثنتين وعشرين سنة قال المسعودي: وفي أيامه كان أبطلميوس القلوذي صاحب كتاب المجسطي وجغرافيا والمقالات الأربع والقانون الذي عمل عليه ثاون الإسكندراني وكتاب الأنواء وكتاب الموسيقي وإن لم يذكر العود فيه فذلك دليل على أنه حدث بعده وغير ذلك مما أضيف إليه من الكتب وهو بطلاماوس بلغتهم وقيل إنه من ولد قلوذيوس السادس من ملوك الروم على ما قدمنا فيما سلف من هذا الكتاب، وكانت أرصاده التي أرخ بها المجسطي في ملك أنطونينوس هذا، وذلك موجود في المقالة التاسعة من هذا الكتاب وقد أدرك جالينوس عصره وشاهده في حال صباه، وجالينوس يعينه في كثير من أقاويله وأرصاده لمخالفته إبرخس صاحب الأرصاد القديمة، وقد غلط كثير من الناس ممن يدعي المعرفة بأخبار حكماء الأمم وفلاسفتهم والملوك ومن كان منهم في أعصارهم فجعلوه بعض ملوك اليونانيين بعد الإسكندر المسمين بهذا الاسم وأنه أبو قلوبطرة الملكة الحكيمة آخر من ملك من ملوك اليونانيين المقدم ذكرها فيما سلف من هذا الكتاب، وذكروا أموراً أيدوا بها قولهم هذا، قد أتينا عليها فيما سلف من كتبنا قال المسعودي: ومن أدل الدلائل على بطلان قولهم أن أبطليموس ذكر في النوع الثامن من القول الثالث من كتاب المجسطي أنه رصد الشمس بالإسكندرية فوجد الاعتدال الخريفي في اليوم السابع من الشهر الثالث من شهور القبط سنة 880 لبخت نصر فإذا نظرنا ما بين ملك بخت نصر إلى غلبة الإسكندر لدارا وهو أربعمائة سنة وتسع وعشرون سنة وثلاثمائة وستة عشر يوماً، ومن غلبته إياه إلى زوال ملك قلوبطرة آخر من ملك من اليونانيين الملقبيبن بالبطلميوسين الذين ملكوا بالإسكندرية بعد الإسكندر بغلبة أوغسطس ملك الروم على ملكها على ما قدمنا فيما سلف من هذا الكتاب مائتا سنة وست وثمانون سنة وثمانية عشر يوماً ومنذ غلبة أوغسطس إلى وفاته أربع وأربعون سنة وملك بعده من ملوك الروم إلى أنطونينوس الذي ذكرنا أن أبطلميوس كان في أيامه من السنين مائة سنة وثلاثاً وعشرين سنة وسبعة أشهر، فمنذ ملك بخت نصر إلى ملك أنطونينوس هذا على هذه المسافة ثمانمائة واثنتان وثمانون سنة وثمانية أشهر وأربعة عشر يوماً، وجدنا ذلك موافقاً لما حكيناه عن أبطلميوس من تاريخ رصده الثامن عشر مرقس، ويسمى أورلليوس قيصر ملك تسع عشرة سنة وفي ملكه أظهر أبرديصان مقالته، وكان أسقفاً للرهاء من بلاد الجزيرة وإليه تضاف الديصانية من أصحاب الاثنين وتفسير أيرديصان وهي كلمة سريانية ابن النهر والنهر هناك معروف بديصان إلى هذا الوقت على باب من أبواب الرهاء يعرف بشاعا مصبه إلى ناحية حلوان ثم ينتهي إلى نهر البليخ وإنما يجري شهوراً وينقطع في القيظ وله كنيسة على هذا النهر مما يلي الباب يعيد لها النصارى عيداً في السنة وقيل إنه كان منبوذاً أصيب على شاطئ هذا النهر فأضيف إليه التاسع عشر قوموذوس بن أنطونينوس ملك اثنتي عشرة سنة وفي أيامه كان جالينوس تاج الأطباء وإمامهم في عصره الذي به يقتدون وعلى كتبه يعولون، والمفسر لكتب أبقراط والملخص لها بمدينة أبرغامس من أرض اليونانيين وقد ذكر ذلك جالينوس في كتابه في أخلاق النفس في فهرست كتبه وبين الإسكندر وقوموذوس الملك هذا خمسمائة سنة ونيف قد بين ذلك جالينوس في كتابه في الأخلاق أيضاً فينبغي أن يكون لجالينوس إلى وقتنا هذا وهو سنة 1267 للإسكندر وسنة 345 للهجرة سبعمائة سنة ونيفاً على التقريب وكان جالينوس بعد المسيح بنحو مائتي سنة وقد كان دين النصرانية ظهر في الروم واليونانيين وغيرهم في أيامه وذكر جالينوس المتدينين من النصارى في كتابه في جوامع كتاب أفلاطون في السياسة، لأنه كان مديناً بذلك. وبين جالينوس وبين أبقراط نحو من ستمائة سنة لأن أبقراط كان قبل الإسكندر بقريب من مائة سنة في أيام أرطخشست من ملوك الفرس الأولى، وأرى أنه بهمن بن أسفنديار بن كيبشتاسب بن كيلهراسب.
وقد ذكر ذلك جالينوس في تفسير كتاب إيمان أبقراط وشرحه له وترجمه حنين بن إسحاق فحكى أن أرطخشست هذا وجه إلى عامله على مدينة قوس من أرض اليونانيين- وهم يومئذ في طاعته ت بأمره بدفع قناطير من المال إليه وحمله إليه مكرماً، لأنه نال من الفرس في ذلك الوقت داء يقال له الموتان فامتنع أبقراط من ذلك لأنه لم ير من العدل إشفاء الفرس وهم أعداء اليونانيين قال المسعودي: والبقارطة ثلاثة أبقراط هذا صاحب الكتب المصنفة في الطب التي ترجمها وشرحها جالينوس وغيره ككتاب الفصول وكتاب تقدمة المعرفة وهو كتاب الأمراض الحادثة وكتاب ماء الشعير وهو كتاب تدبير الأمراض وكتاب أبتديما وهو كتاب الأهوية والبلدان وغير ذلك من الكتب المنسوبة إليه من السنن وغيرها، وهو من ولد سقلابيوس وكان معظماً في اليونانيين وله هيكل وسقلابيوس هذا من ولد أبلوان، وكان معظماً لحكمته له أيضاً هيكل في بعض الجزائر كان يحج إليه في أيام اليونانيين قبل ظهور النصرانية وقد ذكره أفلاطون في كتابه المسمى فادن في النفس والاثنان الباقيان من البقارطة من أولاده أيضاً لأنه كان لأبقراط الكبير ابنان أحدهما يقال له تاسلوس والآخر دراقن وكان لكل واحد منهما ابن سماه باسم جده أبقراط، ذكر ذلك غير واحد ممن تقدم وتأخر منهم حنين بن إسحاق في كتابه في الاسطقسات على رأي جالينوس على طريق المسألة والجواب إلى ابنية إسحاق وداود العشرون برطيقس قيصر، ملك ثلاثة أشهر الحادي والعشرون يوليانوس قيصر، ملك شهرين الثاني والعشرون سورس، ملك سبع عشرة سنة وشمل اليهود والنصارى في أيامه القتل والأذى والتشريد، وسار إلى بلاد مصر فبنى بالإسكندرية هيكلاً عظيماً سماه هيكل الآلهة الثالث والعشرون أنطونيوس، ملك ست سنين الرابع والعشرون مقرينوس ملك سنة وشهرين الخامس والعشرون أنطونيوس الثاني، ملك أربع سنين السادس والعشرون الأكصندرس ويلقب مامياس، ملك ثلاث عشرة سنة السابع والعشرون مقسميانوس، ملك ثلاث سنين الثامن والعشرون بوبينوس، ملك ثلاثة أشهر التاسع والعشرون غرديانوس، ملك ست سنين الثلاثون فيلبس قيصر، ملك ست سنين ودعي إلى دين النصرانية فأجاب وترك ما كان عليه من مذاهب الصابئين وابتعه على ذلك كثير من أهل مملكته فآل ذلك إلى تحزبهم واختلاف كلمتهم في الديانة وكان فيمن خالفه عليه بطريق من بطارقته ويقال له داقيوس فقتل فيلبس واستولى على الملك الحادي والثلاثون داقيوس، ملك سنتين ونتبع النصارى فقتل منهم مقتلة عظيمة ومنه هرب الفتية أصحاب الكهف وهم في جبل من جبال الروم يعرف بخاوس شرقي مدينة أفسيس وهي على نحو ألف ذراع منها، وكانت هذه المدينة على بحر الروم فبعد البحر عنها في هذا الوقت وخربت وأحدثت مدينة على نحو ميل منها قال المسعودي: وقد ذركنا في كتاب الاستذكار، لما جرى في سالف الأعصار الذي كتابنا هذا تال له في أخبار ملوك الروم تنازع الناس في أصحاب الكهف والرقيم ومواضعهم وهل هم أصحاب الرقيم أم هؤلاء غيرهم؟ ومن قال منهم أن الرقيم بالهوته وهي خارمي من بلاد الروم بين عمورية ونيقية وكيفية تزوار الشمس في حال طلوعها وغروبها عن الكهف والعلة في ذلك على الشرح والإيضاح، وما كان من توجيه الواثق لمحمد بن موسى بن شاكر المنجم إلى هناك وما شاهد.
قال المسعودي: وللناس ممن عني بهيئة الفلك وعلم النواحي والآفاق وتأثيرات الأجسام السمائية في هذا العالم في كيفية ازورار الشمس عن كهفهم في حال طلوعها وغروبها لموضعهم من الشمال كلام كثير، من ذلك أن كل بيت يستقبل بابه الشمال في البلدان الخارجة عن مدار السرطان إلى ناحية الشمال وكل بلد عرضه أكثر من أربع وعشرين درجة، فإن الشمس إذا طلعت أخذت عن يمين الباب، وإذا توسطت السماء كانت على ظهر البيت، وإذا غربت أخذت عن ذات الشمال. وهذا الصقع الذي فيه الكهف واغل في الشمال وباب الكهف مستقبل الشمال، وذكر هؤلاء أن مدينة أفسيس التي هذه مدينة أصحاب الكهف في الإقليم الخامس طولها من المغرب سبع وخمسون درجة تامة وعرضها ثمان وثلاثون درجة، ويمكن أن يكون الله عز وجل خلق لهم هذا الكهف مستقبل الشمال على ما ذكرنا تكرمة لهم وليجعلهم آية للعالمين وقد أخبر الله عز وجل عن ذلك بقوله: {وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً}.
الثاني والثلاثون غليوس قيصر ملك سنتين وكان شريكه في الملك أخوه يوليانوس.
الثالث والثلاثون غالينوس قيصر ويلقب والاريانوس ملك خمس عشرة سنة.
الرابع والثلاثون قلوذيوس الثاني ملك سنة وفي أيامه كان ظهور ماني وإليه أضيفت المانوية من أصحاب الاثنين، وقد تقدم ذكره فيما سلف من هذا الكتاب في أخبار ملوك الفرس الثانية وهم الساسانية في ملك سابور بن أردشير وما كان من مقتله في ملك بهرام بن هرمز بن سابور مجملاً وفيما سلف من كتبنا مفصلاً مشروحاً، وقول أصحاب المانوية إنه الفارقليط الذي وعد به المسيح وما ذكر ماني من ذلك في الجبلة وفي كتابه المترجم بالشابرقان وفي كتاب سفر الأسفار وغيرها من كتبه، والحجاج بين سائر أصحاب الاثنين من المانوية والديصانية والمرقيونية وغيرهم من الفلاسفة في المبادئ الول وغير ذلك وقد ذكر ماني ف كثير من كتبه المرقيونية والديصانه وأفراد للمرقيونية باباً في كتابه المترجم بالكنز وللديصانية باباً في كتابه سفر الأسفار وغير ذلك من كتبه وإنما ذكرنا ذلك دلالة على أنهما كانا قبله، إذ كثير من لا علم له بأرباب الآراء والنحل والمذاهب والملل يعتقد أنهما كانا بعده الخامس والثلاثون أورلليوس بن قلوذيوس ملك ست سنين السادس والثلاثون طاقطوس وعاضده على الملك أخوه فوروس ملكا تسعة أشهر السابع والثلاثون بروبس، ملك تسع سنين الثامن والثلاثون قاروس، ملك سنتين وخمسة أشهر التاسع والثلاثون دقلطيانوس، ملك سبع عشرة سنة الأربعون مقسيميانوس وشاركه في الملك مقسنطيوس بن مقسيميانوس فاقتسما المملكة بعد خطوب كثيرة وحروب عظيمة قد ذكرناها في كتاب أخبار الزمان، ومن أباحه الحدثان من الأمم الماضية والأجيال الخالية والممالك الداثرة، فتملك مقسيميانوس على الشأم ومما يلي بلاد الجزيرة ومواضع من أرض الروم، وتملك مقسنطيوس على مدينة رومية وما اتصل بذلك من أرض الإفرنجة وتملك معهما على بلاد بوزنطيا وما يليها قسطنس أبو قسطنطين ثم هلك قسطنس فأفضى أمر المملكة إلى ولده قسطنطين المعروف بأمه هيلاني، وكانت له مع مقسيميانوس ومقسنطيوس برومية وغيرها حروب طويلة إلى أن هلك مقسنطيوس وخلع مقسيميانوس نفسه، وكانت مدة ملكهما نحواً من تسع سنين قال أبو الحسن علي بن الحسين علي المسعودي: فهذه الطبقة الأولى من ملوك الروم الذين كانوا على دين الصابئة وهي الحنيفية الأولى وهم أربعون ملكاً وفي زيج ثاون الإسكندراني أن عدة الملوك من أوغسطس إلى قسطنطين بن هيلاني تسعة وعشرون ملكاً، وسبيل هؤلاء الملوك من أوغسطس إلى قسطنس أبي قسطنطين سبيل ملوك الفرس الأولى والطوائف من جيومرت إلى أردشير مضطرب تاريخهم متنازع في أعدادهم غير محصلة أوقاتهم، وإنما يعول على تاريخ ملوك الروم من قسطنطين المظهر لدين النصرانية والمحارب عليها كما تعول الفرس في تاريخ سنيها وتحصيل أيام ملوكها مذ ملك أردشير بن بابك على أنا لم نأل جهداً في تحصيل أعداد ملوكهم ومدة أيامهم، ونحن ذاكرون الطبقة الثانية من ملوك الروم المتنصرة قبل ظهور الإسلام وبعده إلى هذا الوقت المؤرخ به كتابها وهو سنة 345